responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 485
[60] وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا لَا جَرَمَ أَيْ حَقًّا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ أَيْ وَسَيَجْزِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ أَتَمَّ الْجَزَاءَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ.

[سورة النحل (16) : الآيات 24 الى 25]
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (24) لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ مَا يَزِرُونَ (25)
يَقُولُ تَعَالَى: وَإِذَا قِيلَ لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا مُعْرِضِينَ عَنِ الْجَوَابِ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أَيْ لَمْ يُنْزِلْ شَيْئًا، إِنَّمَا هَذَا الَّذِي يُتْلَى عَلَيْنَا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، أَيْ مَأْخُوذٌ مِنْ كُتُبِ الْمُتَقَدِّمِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الْفُرْقَانِ: 5] أَيْ يَفْتَرُونَ على الرسول ويقولون أقوالا متضادة مختلفة كُلُّهَا بَاطِلَةٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا [الْفُرْقَانِ: 9] وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ خَرَجَ عَنِ الْحَقِّ فَمَهْمَا قَالَ أَخْطَأَ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: سَاحِرٌ وَشَاعِرٌ وَكَاهِنٌ وَمَجْنُونٌ، ثُمَّ اسْتَقَرَّ أَمْرُهُمْ إِلَى مَا اخْتَلَقَهُ لَهُمْ شَيْخُهُمُ الْوَحِيدُ الْمُسَمَّى بِالْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ لَمَّا فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ [الْمُدَّثِّرِ: 18- 24] أَيْ يُنْقَلُ وَيُحْكَى، فَتَفَرَّقُوا عَنْ قَوْلِهِ وَرَأْيهِ قبحهم الله.
قَالَ تَعَالَى: لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَيْ إِنَّمَا قدرنا عليهم أن يقولوا ذلك ليتحملوا أَوْزَارَهُمْ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يَتْبَعُونَهُمْ وَيُوَافِقُونَهُمْ أَيْ يَصِيرُ عَلَيْهِمْ خَطِيئَةُ ضَلَالِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَخَطِيئَةُ إِغْوَائِهِمْ لِغَيْرِهِمْ وَاقْتِدَاءِ أُولَئِكَ بِهِمْ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ دَعَا إِلَى هَدْيٍ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنِ اتَّبَعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنِ اتَّبَعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» [1] .
وَقَالَ تعالى: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ [الْعَنْكَبُوتِ: 13] وَهَكَذَا روى العوفي عن ابن عباس في الآية لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّهَا كَقَوْلِهِ: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ [الْعَنْكَبُوتِ: 13] وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَحْمِلُونَ أَثْقَالَهُمْ ذُنُوبَهُمْ وَذُنُوبَ مَنْ أَطَاعَهُمْ، وَلَا يخفف عمن أطاعهم من العذاب شيئا.

[1] أخرجه مسلم في العلم حديث 16، والذكر حديث 1، وأبو داود في السنة باب 6، والترمذي في العلم باب 15، 16، وابن ماجة في المقدمة باب 14، 15، والدارمي في المقدمة باب 44، وأحمد في المسند 2/ 397.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 485
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست